کد مطلب:187316 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:251

و سلاحه البکاء (12)
أشعلت القبائل النار فی أطراف الخیام عن الیمین و عن الشمال للاطباق علی معسكر الحسین.

هتف السبط بأصحابه:

- دعوهم یحرقونها فانهم اذا فعلوا ذلك لم یجوزوا الیكم.

حمی الوطیس و قد توسطت الشمس كبد السماء و هی ترسل حممها فوق بقعة من الأرض ملتهبة؛ و الذئاب تعوی منتشبة بثأر قدیم.

قال «الصائدی» و قد زالت الشمس:

- انی لأحب لقاء الله و الصلاة معك.

رفع الحسین طرفه الی السماء:

- ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلین الذاكرین. نعم هذا أول وقتها سلوهم أن یكفوا عنا حتی نصلی.

جاء صوت الحصین یقطر نذالة:

- انها لا تقبل منكم.



[ صفحه 40]



هتف حبیب بغضب:

- زعمت انها لا تقبل من آل الرسول و تقبل منك یا حمار.

و توجه الحسین بأصحابه الی السماء و قد حانت لحظة اللقاء.

عندما تصفو النفوس تتحول الی أرواح مجردة تتخلص من اهاب الجسد و تحدث لحظة الانعتاق بین ما هو ملكوتی ینتمی الی السماء و بین ما هو مادی ینتسب الی الأرض.

فی تلك اللحظات العصیبة و الأجساد تنزف دما لله تفتحت أبواب السماء و هتف الحسین مأخوذا بما یری من عوالم وردیة:

- یا كرام هذه الجنة قد فتحت أبوابها و اتصلت أنهارها و أینعت ثمارها و هذا رسول الله و الشهداء الذین قتلوا فی سبیل الله یتوقعون قدومكم و یتباشرون بكم، فحاموا عن دین الله و دین نبیه.

و تضاءلت الدنیا حتی أصبحت أتفه من جناح ذبابة، و هتف الانسان الذی انتصر الملاك فی أعماقه:

- نفوسنا لنفسك الفداء و دماؤنا لدمك الوفاء... و الله لا یصل الیك و الی حرمك سوء و فینا عرق یضرب.

لقد تحول الحسین الی رمز لكل الفضائل الانسانیة فالدفاع عنه دفاع عن انسانیة الانسان و قهر الشیطان.

كان علی یرقب من خیمته هول ما یجری فوق الرمال. لا أحد یدری كم هی المرات التی كان ینهض فیها لیهوی متهافتا فوق الأرض... یالضعف الجسد الآدمی و یالعذاب الروح التی لا تجد من



[ صفحه 41]



یحملها لیحقق ارادتها، فلا هی تنعتق لتحلق بعیدا عن ویلات الأرض و لا هی تنهض بهذا الجسد الذی غدا حطاما لا یقدر علی شی ء.

ما أصعب تلك اللحظات. السیف المعلق فوق عمود الخیمة ینتظر صاحبه.

للمرة الأخیرة نهض حفید علی، و استند الی عصا و حمل سیفه. بدا له انه یحمل الأرض و من فیها. جرجر نفسه و سیفه الی خارج الخیمة.. كان هدفه أن یلتحق بالحسین بأی ثمن.

هتف الحسین باخته و قد وقعت عیناه علیه:

- احبسیه لئلا تخلو الأرض من نسل محمد.

و وجد علی نفسه مرة اخری فی الفراش فشعر ان روحه تكاد تخرج و غامت المرئیات أمام عینیه حتی لم یعد یسمع صوتا أو یشعر بشی ء.



[ صفحه 42]